
تتجه دول مجلس التعاون الخليجي نحو الريادة العالمية في مجال التجارة الإلكترونية، وتعتبر السوق الأسرع نمواً على الساحة العالمية في هذا المجال، وفقاً لتقرير أعدته شركة الاستشارات الإدارية "إيه تي كيرني".
وتعد التجارة الإلكترونية حديثة نسبياً في المنطقة مقارنة مع الدول المجاورة، وهناك عوامل عديدة ساعدت في نموها؛ منها مستوى الدخل المرتفع، وزيادة عدد مُستخدمي الإنترنت والجوالات الذكية، وتغيير تفضيلات المُستهلك، والبيئة القانونية.
ومع أن التجارة الإلكترونية تشهد نمواً كبيراً في المنطقة، إلا أن هناك عقبات لا تزال تواجه دول الخليج، وتقف عائقاً أمام نمو أسرع؛ منها ثقة المستهلك وتوعيته بسبل الدفع الإلكتروني الآمن، والثغرات في أنظمة الدفع والتوزيع، والبنية التحتية اللوجستية، والسياسات الحكومية، وأمن البيانات.
وتذكر دراسة "إيه تي كيرني" أن من أهم العقبات التي تحول دون وصول التجارة الإلكترونية إلى إمكاناتها الكامنة نسبة وعي وثقة المستهلك، والثغرات في أنظمة الدفع والتوزيع، والبنية التحتية اللوجستية، والسياسات الحكومية، وأمن البيانات ومكافحة الاحتيال، إضافة إلى قلة عروض التجارة الإلكترونية من متاجر التجزئة.
ويعد الدفع عبر الإنترنت، وانخفاض ثقة المتسوقين، من بين أكبر العوامل الكابحة لنمو التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون، وتشير الدراسات إلى أنه ما تزال 60% من الطلبات عبر الإنترنت تفضّل الدفع نقداً عند الاستلام، وهذه الطريقة مكلفة، ليس لتجار التجزئة فحسب -لأنها تحمل مخاطر أخطاء المعاملات والنقل المادي للنقد- بل تؤثر سلباً في تدفقاتها النقدية.
فرغم الأسس الاقتصادية المتينة، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال من بين أسواق التجارة الإلكترونية الأقل اختراقاً في العالم؛ ومع ذلك وبفضل مستويات الدخل العالية، والمعدل الرائد عالمياً لانتشار الإنترنت والهواتف الذكية، وتغيّر تفضيلات المستهلك، هناك إمكانات قوية في المنطقة، وبدأت بعض الشركات الواعية باغتنام هذه الفرص.
ومن التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية في الخليج -خصوصاً السعودية- توفير آلية أو نظام دفع يمكن الاعتماد عليه في التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى حصر نمو ما تعرف بـ"المشروعات الناشئة"، في حين تشير البيانات المنشورة إلى أن منصة "عالم حواء" تتربع على أكثر من نحو 60% من أصحاب المواقع الإلكترونية التجارية، وتقدم الخدمة لـ250 من سيدات الأعمال.
ورغم أن سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة تعتبر أصغر بكثير عند المقارنة بالأسواق الناضجة التي تتحلى بأسس اقتصادية مماثلة، إلا أنها أسهمت بنحو 0.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، وهي نسبة ضئيلة تقل بـ4-8 مرات عن الأسواق المماثلة، بحجم سوق يقدر بـ5.3 مليارات دولار في عام 2015.
وأشارت مجلة "الاقتصاد" الصادرة عن غرفة الشرقية بالسعودية في سبتمبر/أيلول، إلى نمو عمليات الدفع إلكترونياً في الأسواق العربية بنسبة 23% خلال عام 2015؛ وذلك بسبب النمو الذي حققته السوق السعودية بنسبة 40%، وسوق الإمارات بنسبة 24%، متوقعة تزايد هذه العمليات في المنطقة لتصل في العام 2020 إلى 69 مليار دولار، أي نحو 3 أضعاف المستويات الحالية تقريباً، وفقاً لتقارير عالمية.
وذكرت بيانات الشبكة السعودية للمدفوعات "مدى" أن عام 2015 شهد تسجيل أكثر من 1.1 مليار عملية مالية، بقيمة إجمالية فاقت 626.3 مليار ريال، بمتوسط عمليات شهري يفوق 52 مليار ريال، وذلك من خلال أكثر من 17 ألف صراف آلي، وما يزيد على 225 ألف جهاز ونقاط بيع تنتشر في مختلف أنحاء المملكة، فقد شهد العام الماضي نمواً مطرداً في عدد أجهزة نقاط البيع لدى منافذ الدفع بنسبة 62% مقارنة بالعام الذي قبله.
كما تكشف الدراسة التي نشرتها "إيه تي كيرني"، أن 34% من كبرى متاجر التجزئة في دول الخليج لديها قنوات للتجارة الإلكترونية، مقارنة بـ58% في الولايات المتحدة، ومع ذلك فهناك فرص كبيرة للتغلب على هذه التحديات، وتعزيز النمو في هذا القطاع، حيث تتوقع الدراسة وصول السوق إلى 4 أضعاف قيمته، وتحقيق 20 مليار دولار بحلول عام 2020 إذا ما تم التحقق من تفعيل العوامل المحفزة.
ولزيادة النمو في حجم التجارة الإلكترونية في الخليج، يؤكد المدير في "إيه تي كيرني"، عادل بلقايد، أنه "يجب تحديد تجار التجزئة أفضل خيارات الدفع لضمان أمن المعاملات، وأفضل تجربة للعملاء"، ويضيف أنهم "بحاجة إلى تشكيل نظم إيكولوجية متكاملة للدفع لضمان قابلية التشغيل البيني، وإقامة شراكات استراتيجية مع أفضل مقدمي الخدمات لتنشيط هذا المجال، وكذلك تمكين الدفع عبر الهواتف النقالة بالتعاون مع شركات الاتصالات، والاستفادة من انتشار الهواتف النقالة الذكية في المنطقة".
ويرى اقتصاديون أنه على دول الخليج الدفع بعجلة نمو التجارة الإلكترونية؛ وذلك لأن المستهلكين أصبحوا أكثر إلماماً بالتكنولوجيا الحديثة، وعلى استعداد لتبني التجارة الإلكترونية، كما يمكن لمراكز البيع الإلكترونية الاستفادة من التحركات المبكرة.
أما تجار التجزئة التقليدية الذين اعتمدوا نهج الترقب والانتظار فهم بحاجة إلى التحرك الآن لحجز حصة من هذه السوق التي تشهد نمواً سريعاً.
المصدر: الخليج أونلاين